“أحزاب بلا حياه حزبية وانتخابات بلا منافسة حرة”.. “المفوضية المصرية” تطلق بوابة “مبادرة الإصلاح التشريعي” في مصر

.

تصدر المفوضية المصرية للحقوق والحريات٬ دراستها حول “تحليل ومناقشة القوانين المُنظمة للانتخابات في مصر ومُباشرة الحقوق السياسية خلال الفترة من 2013 وحتى 2025: الانتخابات الرئاسية- انتخابات مجلس النواب”٬ بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب الحالية والتي شهدت العديد من أشكال التضييق على مرشحي المعارضة.

تقدم الدراسة قراءة معمقة حول عملية إصدار القوانين الخاصة بالانتخابات خلال السنوات الماضية٬ كيف تحولت العملية الانتخابية في مصر خلال العقد الأخير إلى ممارسة شكلية خالية من المنافسة، بفعل “هندسة” تشريعية محكمة هدفت إلى تفريغ الانتخابات من مضمونها وضمان استمرار هيمنة السلطة التنفيذية على المجال السياسي.

تستعرض الدراسة أكثر من عشر سنوات من التشريعات المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتحلل مناخها السياسي، ومدى اتساقها مع الدستور المصري والمواثيق الدولية٬ وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي٬ ليخلص إلى أن المشكلة ليست تجاوزات فردية أو أخطاء إجرائية، بل أزمة في القوانين نفسها، صممت عمدا لقتل المنافسة وتنظيم مشهد انتخابي مغلق ومحكوم النتائج مسبقا.

وتخلص الدراسة إلى أن ما شهدته مصر منذ 2013 ليس فقط تضييقا أمنيا أو استبعادا قسريا للمرشحين، بل عملية كاملة من صياغة قوانين تسمح بالتحكم في الترشح، وتوسع صلاحيات الهيئة الوطنية للانتخابات دون ضمانات كافية للاستقلال٬ وتعديلات دستورية وقانونية الهدف منها مد فترات الحكم أو إعادة ترتيب المشهد بما يخدم مرشحي السلطة التنفيذية٬ وتقسيمات انتخابية وقوانين قوائم موجهة تقطع الطريق على الأحزاب السياسية الأخرى أو المعارضة٬ إلى جانب العديد من شروط الترشح التعجيزية، وآليات جمع التوكيلات.

وتشير الدراسة إلى انتهاكات جسيمة رافقت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال العقد الماضي، لم يسلم منها سياسيون، ولا صحفيون، ولا أعضاء سابقون في البرلمان، ولا حتى قيادات عسكرية سابقة تمثلت في الإخفاء القسري للنائب السابق مصطفى النجار وحبس النائب زياد العليمي وآخرين لثلاثة أعوام بسبب التحضير لقائمة انتخابية وملاحقة واعتقال مرشحين رئاسيين محتملين مثل الفريق أحمد شفيق والفريق سامي عنان والعقيد أحمد قنصوة٬ وحبس المرشح السابق عبدالمنعم أبو الفتوح وحكم بالسجن 15 عاما٬ وأخيرا حبس المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي وحرمانه من مباشرة حقوقه السياسية لخمسة أعوام.

هذه الوقائع تظهر بوضوح أن الانتخابات في مصر تتم إدارتها على نحو يمنع المنافسة الجدية ويضمن بقاء مرشحي السلطة التنفيذية بتذكية من الأجهزة الأمنية بلا منازعين، وأن القوانين يعاد تشكيلها لتقنين هذا الوضع، لا لمعالجته. وتربط الدراسة بين ما جرى في انتخابات 2014 و2018 و2024، وما يجري الآن في انتخابات مجلس النواب 2025، ليؤكد أن الأزمة تراكمية وممتدة متمثلة بشكل مباشر في بنية تشريعية تعصف بمبادئ التعددية، ومناخ سياسي يقمع كل تعبير مستقل، وهيمنة كاملة للأجهزة الأمنية على المجال العام، ما يجعل الانتخابات الحالية حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتخابات بلا معنى سياسي فعلي.

وتقدم الدراسة مجموعة من التوصيات التشريعية والسياسية الضرورية لإنقاذ العملية الانتخابية في مصر، أهمها مراجعة تشريعية شاملة لقوانين مباشرة الحقوق السياسية، الرئاسة، والانتخابات البرلمانية٬ وضمان استقلال فعلي للهيئة الوطنية للانتخابات وإطلاق الحريات العامة ووقف الملاحقات الأمنية للسياسيين والمرشحين وإعادة هيكلة النظام الانتخابي لضمان التعددية والتمثيل العادل والامتثال الكامل للالتزامات الدولية التي صدقت عليها مصر.

وفي النهاية تمثل هذه الدراسة وثيقة تحليلية تظهر بوضوح كيف تحولت الانتخابات في مصر من أداة للتداول السلمي للسلطة إلى إجراء شكلي تحكمه قوانين مصممة لضمان نتائج محسومة مسبقا في وقت تتجه فيه البلاد إلى انتخابات جديدة، فيما تدعو الدراسة إلى إعادة النظر جذريا في البنية التشريعية والسياسية للانتخابات، بما يعيد للمصريين حقهم في اختيار ممثليهم بحرية ونزاهة، ويضع البلاد على طريق إصلاح ديمقراطي حقيقي.

ويتزامن إصدار الدراسة مع إجراءات اتخذتها الهيئة الوطنية للانتخابات عقب بيان أصدره رئيس الجمهورية٬ تمثلت في إلغاء وإعادة الانتخابات في ١٩ دائرة خلال المرحلة الأولى٬ بالإضافة لقرارات من القضاء الإداري بإلغاء نتائج الانتخابات في ٢٦ دائرة أخرى. وعللت الهيئة الوطنية قرارها بوجود العديد من التجاوزات والخروقات في هذه الدوائر٬ دون الكشف عن طبيعة هذه الخروقات أو نتائج ما جرى من تحقيقات. لتأتي المرحلة الثانية من الانتخابات في باقي محافظات الجمهورية وتشهد العديد من الانتهاكات الجديدة والتي تمثلت في استخدام “المال السياسي” لشراء أصوات الناخبين كما كشفت عنه الأجهزة الأمنية نفسها وألقت القبض على بعض المتهمين٬ بالإضافة إلى تحركات ضد مرشحين مثل الاحتجاز والتحقيقات أمام النيابة.

وفي هذا السياق٬ تطلق المفوضية المصرية للحقوق والحريات بوابتها الإلكترونية لـ”مبادرة الإصلاح التشريعي” والتي تسعى في الأساس إلى خلق بيئة ديمقراطية في مصر، تمكن المواطنين من التعبير عن رأيهم بحرية دون خوف من ملاحقة أو قمع٬ من خلال الاشتباك بالتحليل والتفنيد مع كافة القوانين والتشريعات المصرية خلال السنوات الماضية. كما تقوم البوابة برصد سلسلة من التشريعات المصرية وأحكام المحكمة الإدارية العليا وفتاوى مجلس الدولة٬ إلى جانب سلسلة من الإصدارات متمثلة في أوراق وتعليقات قانونية على التشريعات والقوانين المصرية٬ وأوراق السياسات.

للاطلاع من هنا

شارك هذا الورقة

أخر المستجدات